-ياباشا متخافش… الشقة اللي انا مديهالك دي، من أحسن الشقق في العمارة ده انت متوصي عليك…
رديت عليه وقولتله:
-الله يخليك يا عم أحمد.. والله بس انا محتاجها شهر الامتحانات اللي انا فيه..
رد عليا وقالي:
– أهي الشقة معاك لمدة شهر وان شاء الله حتى بعد ما تسيبها مش هأجرها لحد.. غير لما ترجع تاني، بس فيه حاجة يا أستاذنا معلش يعني حبيت أعرفهالك.
رديت عليه بإستغراب وقولتله:
-حاجة ايه دي يا عم أحمد؟
قالي:
-فيه أوضة مقفولة… الأوضة دي مليانة.. كراكيب وتراب وعفرة، وانا يعني عارف انك هتقعد في الشقة لوحدك.. فا انت مش هتحتاج الأوضة دي في حاجة… أنا حبيت بس أعرفك لكن لو انت عايز تقعد فيها.. من بكرة ان شاء الله هبعتلك حد ينضفهالك… يا أنا هاجي أنضفهالك..
قولتله:
-لالا مش لازم ياعم أحمد… تسلم والله على وقفتك معايا..
قالي وهو بيبستم:
-عيب عليك يا بيه اللي انت بتقوله ده.. ده أبوك الحاج على راسي… بلا أسيبك انا وانت يا باشا اطلع أقعد ريح في شقتك…
سلام عليكم.
شكرته وخدت منه مفاتيح الشقة وطلعت أتفرج عليها.. الشقة بصراحة كانت جاهزة من كل الاحتياجات مش محتاجة أي حاجة، وكانت نضيفة ومتوضبة وكل حاجة تمام.
علطول حطيت الشنط اللي فيها هدومي وبدأت ارص الهدوم في الدولاب.. وانا برصها عيني لمحت حاجة واقفة عند باب الأوضة.
اتلفت وبصيت ملقتش أي حاجة.. المهم محطتش في دماغي وكملت رص هدوم، طلعت الهدوم اللي هقعد بيها في الشقة، ونزلت تحت وجبت أكل.. وطلعت خدت شاور.. لبست الهدوم وقعدت شوية بتفرج على فيديوهات على الفيس.. لحد ما عيني كانت بتقفل.. وروحت في النوم.
صحيت لاقيتني واقف في الشقة، وسامع صوت عياط جاي من الأوضة المقفولة… روحت وانا بنادي وبقول:
– مين؟؟
-مين بيعيط؟
روحت على الأوضة وانا فاكر ان عم أحمد قايلي ان الأوضة مقفولة، حطيت وداني على الباب صوت العياط زاد.. حاولت أفتح الباب، الغريبة ان الباب اتفتح معايا كأنه مش مقفول، وعلى نور الصالة شوفت واحدة مدياني ضهرها.. وعمالة تعيط ومن وسط عياطها كانت بتقول:
-ليه كده؟ ليه تعمل فيا كده.. بعد كل اللي عملته عشانك.
فضلت واقف متسمر مكاني مش عارف أعمل ايه؟ لحد ما اتجرأت شوية واتكلمت وقلت:
-انتي مين؟ ودخلتي هنا ازاي؟
بصتلي.. كانت ست كبيرة شعرها أبيض، وعينيها بيضا.. والدموع كانت نازلة منها زي الشلال مبتقفش…
لاقيتها ردت من وسط دموعه وقالت:
الحاجة في الدولاب.. قوله ان الحاجة في الدولاب..
مبقتش فاهم.. حاجة ايه اللي في الدولاب.. وأقول لمين؟
قولتلها:
-انتي تقصدي ايه وبتتكلمي عن مين؟
قالتلي وهي بتبستم:
-انت شبهه أوي..
قولتلها:
-شبه مين؟
قالتلي:
محمد..
رديت عليها وانا مستغرب:
-انتي.. انتي عرفتي اسمي منين؟
قالتلي:
-انت شبهه أوي.. قوله ان الحاجة في الدولاب.. وخليه ياخدها..
لحد ما مرة واحدة لاقيت الشمس ضربت في وشي… وصحيت، قومت عشان أشوف الأوضة اللي اتفتحت معايا دي، وحاولت أفتحها لكن متفتحتش.
محطتش في دماغي وقولت دي أكيد تهيؤات بسبب التعب، وروحت الكلية.. عشان أجيب الملازم بتاعتي، عشان عندي امتحان كمان كام يوم…
روحت جبت الملازم ورجعت على البيت.. بس قبل ما أرجع عديت على السوبر ماركت اللي تحت وجبت منه شوية طلبات… لحد ما لاقيت الراجل اللي شغال فيه قالي وهو بيبتسم:
-انت الساكن الجديد؟
رديت عليه وقولتله:
-اه..
قالي بنفس الابتسامة:
-اسم الكريم ايه؟
قولتله:
-اسمي محمد..
قالي:
-انا عمك شعبان.. لو عُزت أي حاجة.. تعالى خدها.. انت في مقام ابني اللي مخلفتوش..
رديت عليه بابتسامة وقولتله:
-الله يخليك يعم شعبان.
قالي:
-وانت ساكن في أنهي شقة؟
قولتله:
-الشقة اللي في الدور التالت..
قالي وملامحه اتغيرت:
-ايه؟ هو السمسار أجرهالك؟
قولتله:
-اه.. والدي كان يعرف السمسار، وطلب منه انه يجبلي شقة.
قالي:
-وملقاش غير دي؟ أما سمسار….
قاطعته وقولتله:
-هو فيه حاجة في الشقة ولا ايه؟
قالي وهو بيحاول يتوه في الكلام:
-هاه.. لا يابني…بببس.. انا كنت يعني قايله عليها.. اني عايزها لابن أخويا، عشان يتجوز فيها.. على العموم اللي خلق أحمد يخلق غيره..
انا في المنطقة دي بقالي أكتر من 50 سنة.. وان شاء الله هدور على شقة تانية.
بيني وبينكم انا مكنتش مقتنع بالسبب اللي هو قاله ده، وتحديدًا لما سمعته قال في سره:
-الله يكون في عونه من اللي هيشوفه.
المهم محطتش في دماغي، وقولت ده شكله بيحاول يخليني أسيب الشقة… وانا بصراحة مش هسيبها بسهولة، لأني مش هلاقي شقة زيها بالسعر ده.
المهم طلعت الشقة وحطيت الأكل وقعدت فتحت الملزمة وبدأت أذاكر، لحد ما الساعة جت 8.
-يا محمممممد… محمممممد قوم يابني عشان جبتلك الهدوم الجديدة اللي طلبتها مني..
الصوت ده هو نفس صوت صوت الست اللي سمعته في الحلم..
الصوت كان جاي من الأوضة اياها، وانا كنت قاعد في الصالة..
قومت وانا بقدم رجل وبأخر التانية.. وبدأت أسمع صوت خبطات جاي من جوا الأوضة..
فضلت واقف وانا مش عارف أعمل ايه؟
لحد ما لاقيت باب الأوضة اتفتح لوحده، مديت راسي جوا الأوضة الأوضة ضلمة ومفيهاش حد… دخلت الأوضة وانا معايا كشاف الموبايل… فضلت أدور على أي حاجة غريبة بس مفيش حاجة…
ومرة واحدة الباب اتقفل عليا وانا جوا!
الموبايل وقع مني من الخضة وانا رجعت بضهري على الباب وانا بحاول افتحه، ولكن الباب مش راضي يتفتح..لحد ما حسيت بإيد اتحطت على ايدي… الايد كانت متلجة، والضوافر بتاعتها كانت طويلة.. عشان هي بدأت تخربشني في ايدي.. وسمعت صوت من ورايا بيقولي:
-قوله.. وله ان الحاجة في الدولاب.. العذاب اللي هو فيه هيخلص لما تقوله على الحاجة..
ومن قدامي وعلى نور الموبايل شوفتها، كانت هي هي نفس الست، ولكن كان شكلها مُرعب أوي…
الست كانت بتعيط دم.. والدم كان بينزل على ايدي وعلى التيشرت.. عينها كانت صفرة زي القطط..
كانت بصالي وعنيها فيها غضب، مسكتني من رقبتي ورفعتني في السما، انا من الخضة والخوف مكنتش عارف اعمل حاجة؟
انا مبقتش عارف ايه اللي بيحصل، ولا اتصرف ازاي؟ وهي عمالة تصرخ وتصوت… حطيت ايدي على وداني.. لاقيت وداني بينزل منها سائل… واللي لما بصيت عليه لاقيته دم!
وهي شايلاني حسيت ان قوتها بدأت تهدى… وانها مبقتش قادرة تشيلني..
فجأة لاقيت الدموع من عنيها اختفت، ورجع شكلها طبيعي زي ما شوفته.. وبدأت تعيط… نزلت على رجلي وانا بحاول آخد نَفسي..
فجأة الباب اتفتح لوحده وطلعت جريت من الأوضة.. عيني جت على الساعة لاقيتها بقت 2 بليل.. ازاي؟
هو الوقت جري بسرعة كده ازاي؟
فتحت التلفزيون، وشغلت اذاعة القرآن الكريم، واستنيت لحد الصبح..
في الوقت ده استغليته.. اني فتحت الدولاب بتاعي ورميت كل هدومي.. وبدأت أدور في الدولاب على أي حاجة غريبة.. ملقتش أي حاجة..
قولت في سري:
-أول ما الصبح يطلع لازم أفتح الاوضة دي..
نمت في الصالة على اذاعة القرآن الكريم.. والصبح طلع.. نزلت على عم شعبان وقولتله:
-بالله عليك.. انا عارف انك تعرف حاجة عن الشقة اللي انا قاعد فيها.. ياريت تقولي ايه هي، عشان أنا مبقتش قادر أستحمل؟
ظهر على وشه معالم الشفقة على حالتي وقالي:
-تعالى يابني هات كرسي وتعالى اقعد أحكيلك..
من زمان كان فيه واحدة اسمها سيدة.. سية دي يابني اتجوزت صغيرة وخلفت عيل اسمه محمد.. وبعيد عنك جوزها توفى وكانت لسا صغيرة.. رفضت يابني انها تتجوز تاني.. مع ان العرسان كانوا هيستتوها، بس هي خلت حياتها كلها انها تربي محمد، واشتغلت مديرة في المصنع كان تبع جوزها…
المهم محمد بدأ يكبر، ودخل جامعة وامه كانت بتصرف عليه.. أحسن لبس كانت بتجبهوله.. كل حاجة بيطلبها مجابة، لحد ما اتعرف على بنت جارتهم.. وكان عايز يتقدملها، ولكن أمه مكانتش حابة البنت يابني، وكانت أم البنت أعوذ بالله عقربة، وسيرتها كانت وحشة، ولحد دلوقتي معرفش ايه اللي عجبه فيها؟
المهم ان أمه قالتله:
-بص يامحمد.. هما كلمتين ملهمش تالت.. أنا كبرتك وربيتك… وعملت عشانك كل حاجة.. ورفضت عرسان الدنيا، واختارتك انت؟
انا بقولهالك لو اختارت البنت دي، لا انت ابني ولا انا امك.. وتحرم عليا ليوم الدين.
يا انا يا البنت..
رد يابني عليها بكل برود الدنيا وقال:
-وانا اختارت البنت.. وانتِ لا أمي ولا أنا أعرفك.. وراح يابني اتجوز البنت وعايشين حياتهم.. واسمحلي رما أمه برجل كلب، حتى مفكرش يسأل فيها.
أمه يابني كانت كل ليلة تعيط عليه.. هي أه قالتله تحرم عليا.. بس برضو ده الضنا غالي.. ده ابنها ووحشها.. كانت تيجي تقولي:
-وحشني صوته يا شعبان.. بتصل عليه بيرد مرة وعشرين لا.. ومبقاش عايز يشوفني، بقيت بروحله شغله أبص عليه من بعيد وأمشي… طلبت من مراته اني أكلمه أو أقابله.. زعقتلي وطردتني..
ومن كتر العياط.. الست عنيها راحت ومبقتش تشوف، وماتت في الشقة في اللي انت ساكن فيها، وابنها مجاش يحضر العزا.. وأديني دلوقتي بسمع انه مديون.. وانه هيتسجن.
اتكلمت وقولتله:
-دي بتجيلي، وبتقولي ان الحاجة في الدولاب، وانا دورت في الدولاب بتاعي، وملاقيتش حاجة.. مفاضلش غير ان فيه أوضة مقفولة يمكن دي اللي عندها دولاب.
قالي:
-انا مستغرب انها مأذيتكش غيرك كان بيسكن في الشقة.. وبيشوف بلاوي حرفيًا.. ومش بيكمل أسبوع ويمشي.
ده يابني كل حاجة أعرفها.. اطلع واكسر الباب، ودور في الأوضة كويس.. وخد رقم ابنها أهو كلمه لو لاقيت حاجة مهمة.
روحت وكسرت الباب، كان الأوضة فيها كراكيب كتير و التراب مالي الأوضة.. وكان فيه سرير وجمبه دولاب قديم… استغربت ان ازاي مخدتش بالي منه لما كنت بخش الأوضة في الحلم… بس ده يمكن بسبب ان اللي حصلي خلاني مش مركز في أي حاجة.. فتحت الدولاب لاقيت شنطة .. فتحتها ولاقيت فيها فلوس كتير ودهب كمان، ولاقيت ورقة مكتوب فيها:
-لو لاقدر الله حصلك حاجة يابني.. تعالى خد الفلوس دي، دي ورثك.. انا مكنتش عايزة غير اني أشوفك أحسن واحد في الدنيا.. وتتجوز بنت الأصول اللي تشيلك في عينها ولكن انت حبيت واحدة مش شبهنا ولا نفس طباعنا.. انا مكنتش عايزة غير أني أسمع صوتك.. صوتك اللي استخسرته عليا، بس انت لسا ابني وضنايا، وانا عارفة ان اليوم ده هييجي.. ومقدرش أسيبك تعاني..
اتصلت على محمد اللي جه، وحكيتله كل اللي حصل.. واللي اكتشفت اني شبهه أوي. ووريته الرسالة والفلوس..
قعد في الأرض يعيط على أمه وقال من وسط دموعه:
-سامحيني يا حبيبتي والله انا ما قصد أكسرلك كلمة، والله انا ماعرف حبيتها ليه؟ بس لاقيت نفسي بتشدلها.. ومش شايف غيرها، أديني دلوقتي طلقتها ومديون لطوب الأرض.. ومش عارف أعمل ايه؟
وكان فيه براوز كان محطوط في آخر الأوضة، كان فيه صورة ست وطفل واقف جمبها..
راح عليها وفضل يبوسها وهو بيعيط وعمال يقول:
-بالله عليكي سامحيني، والله انا غلطان اني مسمعتش كلامك.. يارتني سمعت كلامك.
انا هديته وهو شكرني وخد الفلوس والدهب..
وانا قاعد بذاكر سمعت صوت واحدة بتقولي:
-شكرًا..
تمت
الماهر.
رواية الشادر الفصل 25 و الاخير